البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الباب الثالث: مواجهة الفتاوى التحريضية والمفاهيم المغلوطة عن الجهاد

الفصل الرابع: الفتاوى التكفيرية والعدائية لليهود، وأثرها على استباحتهم للدماء

68 views

المطالع لمصادر اليهود الدينية والفكر الثقافي التراثي المقدس لديهم يلحظ سلوكًا إجراميًّا نحو غير اليهود، بل نحو كل المجتمعات الإنسانية؛ حيث تحضُّ عقيدتهم دائمًا على القضاء على غير اليهود، وإشاعة الخراب والدمار في العالم غير اليهودي، دون شـفقة أو رحمة، فلا حرمة لحياة غير اليهود -وفق تعاليم العهد القديم والتلمـود- ولا مؤاخـذة علـى اليهودي، ولا لومَ عليه فيما يقترفه بحق الأغيار من إعدام أو سلب، أو إفساد للحياة والأحياء، بأي طريقة كانت -بحسب هذه التعاليم- لا أحد جدير بالحياة والتبجيل إلا اليهود([1]).

وقد تأثَّر الحاخامات في فتاويهم بهذا الفكر، حتى كانت فتاويهم مملوءةً بإباحة الاعتداء على الغير حتى ولو كانوا أطفالًا أو نساءً.

فالتكفير في المجتمع اليهودي مرتبط لديهم بالعقيدة، فمن خالف العقيدة أطلق عليه مسميات تكفيرية كالمرتد والوثني وغيره…، وخلافًا لأنهم يطلقون على أنفسهم أنهم أخيار ومتميزون عن غيرهم والجميع في خدمتهم، وهذا ثابت في عقيدتهم شعب الله المختار -حسب زعمهم- وأن فلسطين وعدهم الله بها، فواجب السعي إليها بكل وسيلة واتهام المخالفين بالإرهاب ومحابتهم بالقتل وغيره.

كما جاء في نصوص العهد القديم والتلمود ما يحضُّ على ذلك، كما أصدر حاخامات وعلماء اليهود فتاوى تكفيرية تتماشى مع الفكر اليهودي، ومنها نماذج على أرض الواقع المعاصر في المجتمع اليهودي، مما ترك آثارًا سيئة نتيجة للفتاوى التكفيرية التي سببت دخول العنف المجتمع اليهودي، وانهيار النظام الاجتماعي والديني.

ومن أمثلة الفتاوى التكفيرية: بالبحث في كتاب شريعة الملك تلاحظ فيه أن “الحاخامين “يتسحاق شابيرا” ([2]) و”يوسيف إليتسور([3]) يقولان: إنه بالإمكان قتل الأطفال الرضع أيضًا، لأنهم يمنعون تقدُّم اليهود نحو السيطرة على العالم وإصلاحه، فأولئك الأطفال عندما يكبرون سيلحقون باليهود ضررًا”، ومن هنا تتوجه الفتاوى بقتل الأطفال الرضع تبعا لنظرية العين بالعين والسن بالسن”([4]).

ومن نماذج الفتاوى العدائية فتوى من الحاخام يوفال شارليف جاء فيها:

لو كنت أستطيع لقتلت كل من يتحرك في لبنان، ليمت عشرات الآلاف من الأطفال حتى ولو كانوا لم يفعلوا شيئًا، ولا يصاب جندي إسرائيلي واحد بأي خدش، كل يهودي يساوي الآلاف من الأغيار([5]).

ومنها ما قرَّرته محكمة مجلس السهندرين أنه في حالة قتل شاليط أو عدم عودته سالمـًا يجب قتل سجناء بصورة فورية كما يوصي الحاخامات بخطف شخصيات فلسطينية كبيرة([6]).

وقد أفتى الحاخام (دوف ليئور) بـ (أن من يتفاوض مع الوحوش (العرب) خائن ونذل وجبان، ويجب شن حرب مقدسة على دعاة الانسحاب من أرض إسرائيل)، والحاخام (عوفاديا يوسف) يرى (أن العرب أفاعٍ)، وأدلى الحاخام (إسحاق بورغ) بتصريحات يؤكد فيها أن الإنسان العربي حيوان بطبعه، وأن التوراة وصفته بالإنسان المتوحش، وأشاد بمنفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي، وقال: (إن ما قام به تقديس لله وإنقاذ أرواح، وعمله من الواجبات اليهودية الدينية)، وبعد المجزرة أصدر ثلاثة من كبار الحاخامات -أبراهام شابير، موشي رافي، شارون إسرائيل- مذكرة حرضوا فيها الجنود اليهود على عصيان الأوامر القاضية بإفراغ المستوطنات، وقد طلب منهم (رابين) التراجع عن هذه المذكرة فأبوا، وحصلوا أيضًا على تأييد من الحاخام الأكبر الرسمي؛ حيث رفض إدانة مبادرتهم اللاقانونية ولكنها شرعية، ويؤكد الحاخام (تسفي يهوذا كوك): (لقد كان أمرنا بأن نستولي على الأرض وبأن نستوطن، ومعنى هذا الاستيلاء هو الغزو، وقد فرض علينا في توراتنا الخالدة أن نستعمر الأرض اليباب، وليس في وسعنا أن نتجنبَ هذه الفريضة؛ فالتوراة والحرب والاستيطان ثلاثة في واحد). وفي المقابل انتقد (يؤئيل تيلتباوم الزعيم الروحي للحسديم الستمار) الحاخامات الذين دفعوا الجيش إلى القتال عام 1967م، وأعلنوا أن النصر قادم كالمعجزة، وقال عنهم: (إن هؤلاء أيدوا الصهاينة في دخولهم الحرب بتنبؤات كاذبة، وأخبروا الصهاينة أنهم سينتصرون من خلال قوة التوراة، ولقد غشوهم عندما قالوا لهم: إن هذه الحرب هي حرب مقدسة)([7]).

ومنها فتوى الحاخام مردخاي إلياهو؛ حيث أفتى هذا الحاخام بجواز الاستيلاء على محصول الزيتون من بساتين الفلسطينيين([8]).

كشف شموئيل إلياهو الحاخام الإسرائيلي المتطرف (حاخام مدينة صفد، وعضو مجلس الحاخامية الكبرى في إسرائيل)، المعروف بإطلاق فتاوى تحريضية ضدَّ العرب، عن لقاء جمعه بعدد من المستوطنين المتطرفين المتهمين بقتل المواطنة عائشة الرابي بالحجارة قرب نابلس في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، بعد أن أفرج عنهم من السجن. وقال -في موعظة نشرها على موقع “يوتيوب”- إنه أبلغ طلاب المدرسة الدينية “بري هارتس” في مستوطنة “يتسهار”، الواقعة في محيط مدينة نابلس أن زملاءهم الذين قاموا برجم المواطنة الفلسطينية عائشة الرابي حتى الموت عندما كانت تقود سيارتها بالقرب من المستوطنة، هم الذين يمهدون الطريق أمام وصول التيار الديني لسدة الحكم، وبين لهم أن الجهاز الأمني والقضائي في إسرائيل يعمل ضدهم، وأن هذه الأجهزة صارت فاسدة، ودعا الحاخام اليهودي المستوطنين إلى عدم الخوف من السجن الذي قال إنه “يخرّج الملوك” ويقودهم إلى القمة، وإلى قيادة الدولة، مضيفًا: “من يقاتل يخرج ملكًا من السجن؛ لأنه ليس مستعدًّا لتقبُّل هذا الاضمحلال، وهو يقف ويصرخ ويقول إنه يجب أن ينقلب الأمر، يجب أن يتغير”.

وكان إلياهو هذا قد أصدر العديد من الفتاوى التي تحثُّ على المس بالفلسطينيين وممتلكاتهم؛ فقد أصدر قبل عامين فتوى تبيح لليهود سرقة ممتلكات العرب بزعم أنهم “لصوص”.

أما حاخام مستوطنة “كريات أربع” دوف ليؤور فقد صرح أن من يقتل العرب فهو صديق. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وصف ليؤور هذا بـ “السرية التي تقود شعب إسرائيل”، وفي فتوى للحاخام إسرائيل روزين أن الرب أوجب على يوشع بن نون قتل العمالقة رجالًا ونساءً وأطفالًا رضعًا، وحتى البهائم… والفلسطينيون هم عمالقة هذا العصر، وبالتالي يتوجب معاملتهم مثلما تمت معاملة العمالقة القدماء([9]).

 

 

[1]) أسعد ماجد مشتهى: العقيدة القتالية عند اليهود وموقف الإسلام منه، ماجستير، قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، كلية أصول الدين، الجامعـة الإسلامية، غـزة، 2012م، ص140 بتصرف.

([2]) يتسحاق شابيرا: هو الرابي يتسحاق شابيرا، يشغل منصب رئيس المدرسة الدينية اليهودية، التي تدعي أن يوسف ما يزال حيًّا، شريعة الملك (شريعة قتل الأغيار)، الحاخام: يتسحاق شابيرا، الحاخام: يوسف إليتسور، ترجمة محمود مندور، خالد سعيد، ط.1، 1432هـ- 2011م، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، ص17.

([3]) يوسيف إليتسور: هو الرابي يوسف يرمياهو إليتسور باحث في العهد القديم ومساعد الرابي شابيرا، المرجع السابق، ص17.

([4]) ينظر الحاخامان “يتسحاق شابيرا” و “يوسيف إليتسور”، شريعة الملك”، 2009م، ص 14 بتصرف.

([5]) فتاوى الحاخامات 233.

([6]) فتاوى الحاخامات 237.

([7]) بولس حنا مسعد (همجية التعاليم الصهيونية) ص 22- 26.

([8]) فتاوى الحاخامات 294.

([9]) مجلة الحوار المتمدن، العدد: 6126- 2019/ 1/ 26- 12: 28، مقال بعنوان توظيف فتاوى حاخامات الكراهية في تعزيز الاستيطان وتشجيع الإرهاب اليهودي والتنكيل بالفلسطينيين، الكاتبة/ مديحة الأعرج.

اترك تعليقاً