البرنامج الموسوعي الجامع

البرنامج الموسوعي الجامع

الفصل الأول: تاريخ المذهب المالكي

المبحث الثاني: نشأة المذهب المالكي

187 views

يُنسب هذا المذهب إلى الإمام مالك رضي الله عنه أصالة، وقد نشأ هذا المذهب كما سبق في أحضان المدينة المنورة مهد الصحابة الكرام والتابعين الأفاضل.

وبطريقة وعلوم من سبقه من الأئمة وممن تلقى عنهم نشأ الإمام مالك ملاحظًا الاتجاه الاجتهادي الذي درج عليه الجميع، ومستنبطًا مذهبه الذي سار عليه، وفي ذلك يقول الفاضل بن عاشور:

«نشأ هذا المذهب في الجيل الثالث وهو جيل تابعي التابعين، وكان إمامه فقيهًا متخرجًا كغيره من الفقهاء بالفقهاء الذين أدركهم من التابعين وهم فقهاء المدينة المشهورون، وكان هؤلاء قد تخرجوا في فقههم بفقهاء الصحابة الذين كانوا مستقرين في المدينة المنورة، وتكونت بهم البيئة الفقهية للمدينة المنورة كما تكونت بغيرهم بيئات فقهية أخرى للأمصار الفقهية بالعراق وبالشام وبمصر وبمكة المكرمة.

وهذا الفقه الذي استمر متسلسلًا من عصر فقهاء الصحابة إلى فقهاء التابعين تلقاه مالك بن أنس فلم يُحدث فيه شيئًا جديدًا إلا أنه درج على الطريقة أو المنهج الفقهي الذي وجد الناس متعاقدين عليه من قبله، ثم إنه زاد على ذلك أن استقرأ من الأمر الواقعي العملي بتتبع فروع الفتاوى وجزئيات الأحكام الشرعية التفصيلية التي اجتهد فيها هو واجتهد فيها مَنْ قبله مِنْ فقهاء الصحابة وفقهاء التابعين فاستخرج من استقرائها أصولًا تتعلق بالطرائق الاستدلالية الاستنتاجية التي ينبغي -فيما يرى هو، وفيما يدرك من سيرة الفقهاء الذين اقتدى بهم وتكوَّن بتخرجه بهم من قبل- أن يكون السير عليها في استنباط الأحكام الفرعية التفصيلية من أصولها الإجمالية؛ فكان ظهور الأصول لتلك البيئة الفقهية المدنية على يد مالك بن أنس، ولذلك اشتهر هذا المذهب بالإضافة إلى اسمه فقيل: المذهب المالكي»([1]).

والذي تقرر عند المعاصرين أن المذهب المالكي هو عبارة عما أصَّله الإمام مالك من أصول مجتهدًا في اعتمادها، وما درج عليه أصحابه ومتبعوه ولو خالفوه في الفروع المبنية على تلك الأصول؛ إذ الاعتبار أن يدور اجتهادهم مقيدًا بأصول الإمام مالك.

وعلى ذلك فمذهب الإمام مالك هو جميع أقوال وترجيحات مالك وتلامذته وفقهاء مذهبه([2]).

 

 

([1]) المحاضرات المغربيات لمحمد الفاضل بن عاشور (ص73)، الدار التونسية للنشر.

([2]) انظر: أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي للدكتور محمد رياض (ص100، 101)، بدون ناشر، الطبعة الأولى 1416هـ-1996م.

اترك تعليقاً